الساحر كافر
مــن سبــعــة وجـــوه
قال عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر
فى شرحه على كتاب الكبائرللإمام الذهبي رحمه الله:-
ثم أورد المصنف رحمه الله بعض الأدلة الدالة على كفر الساحر وصدر كلامه على هذه الكبيرة بقوله
(أن الساحر لابد وأن يكفر )
يعني لايمكن أن يكون ساحرا إلا بالكفر بالله جل وعلا بل إن قوة سحره بحسب قوة كفره فكلما ازداد كفرا بالله جل وعلا إزداد تمكنا في السحر والسحر أمر لا يتوصل إليه ولا سبيل إلى تحصيله إلا بالكفر بالله جل وعلا والتقرب للشياطين وعبادتهم وطاعتهم من دون الله عز وجل ،وذكر هنا المصنف ما جاء في سورة البقرة فيما يتعلق بالسحر وكفره بالله جل وعلا حيث أورد قول الله جل وعلا
** وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ }
وهذا الجزء من آية في سورة البقرة مع الآية التي قبله يعني مع تمام هذه الآية التي هذا جزء منهما والآية التي قبلها والآية التي بعدها فيها دلالات عديدة من وجوه كثيرة على كفر الساحر واكتفى المصنف بالإشارة إلى بعض المواضع من هذه الآية في الدلالة على كفر الساحر،فأشار إلى قوله
{وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا}
وقوله
{إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ}
وقوله
{وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ }
فهذه ثلاثة مواضع في الآية تدل على كفر الساحر وإذا تأملت السياق بتمامه تجد أن هذه الآيات في هذا السياق دلت على كفر الساحر من وجوه سبعة .
الوجه الأول :-
في قوله تبارك وتعالى{ وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ } فهذا هو الوجه الأول في الدلالة على كفر الساحر وبيان أن السحر لا يكون إلا بنبذ القرآن ، بل لا يكون إلا بامتهانه ،ومما يتقرب به الساحر للشيطان ليتمكن في السحر بامتهان القرآن وإلقائه ووضع الأذى والقاذورات عليه أو إلقاؤه في الخلاء أو غير ذلك ولهذا كلما كان النبذ للقرآن أشد كان هذا أعظم تقربا من من يطلب السحر إلى الشيطان فهذا الوجه الأول .
الوجه الثاني:-
في قوله ** وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ } المرحلة الأولى نبذ القرآن والثانية اتباع الشيطان واتباع الشيطان عبادة له من دون الله وطاعة له من دون الله وهذا كفر بالله عز وجل .
الوجه الثالث:-
في قوله {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ } ، ونفي الكفر عن نبي الله سليمان في هذا السياق الذي فيه ذم السحر وبيان بطلانه وفساده وتبرئة نبي الله منه بتبرئته من الكفر دليل على كفر الساحر .
الوجه الرابع :-
وهو ما ذكره المصنف فيما ذكر من الأدلة ما ذكره أولا وهو قول الله عز وجل ** وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ }ففي الآية التنصيص على كفر الساحر لأن الساحر تلميذ للشياطين وخريج لمدرستهم ومتتلمذ على يديهم في هذا الذي هو كفر كما هو منصوص الآية {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} فالساحر كافر وتلميذ لهذه المدرسة الكفرية مدرسة الشياطين فهو تلميذ للشيطان ومتخرج في مدرسته . فهذا الوجه الرابع.** وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا}
الوجه الخامس :-
ما أورده المصنف وهو قول الله تعالى ** وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ } وهذا في قصة هاروت وماروت الذين جعلهما الله عز وجل فتنة للناس في هذا الباب ، وفي الآية التنصيص على أن تعلم السحر كفر ** إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ } أي بتعلمه أي بتعلم السحر ، فهذا الوجه الخامس في دلالة هذا السياق على كفر الساحر .
الوجه السادس :-
ما أشار وأورده المصنف رحمه الله وهو قول الله تعالى ** وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ } أي ليس له أي حظ ونصيب يوم القيامة ،الخلاق هو النصيب ،فلا خلاق له ،أي لا نصيب له ، ولا حظ يوم القيامة وهذا الإنتفاء للحظ والنصيب والخلاق عن الساحر يوم القيامة من الدلائل على كفره .
الوجه السابع :-
وهوالأخير في الآية التي تلى هذه الآية – وهي قول الله تعالى ** وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } ولو أنهم آمنوا واتقوا ، هذا دليل على أنهم ليسوا بمؤمنين بل كفار ولو أنهم آمنوا واتقوا يعني ولوا أنهم تركوا السحر وتركوا الكفر وآمنوا بالله واتقوا الله عز وجل لمثوبة من عند الله خير.
فهذه وجوه سبعة في هذا السياق المبارك دالة على كفر الساحر والمصنف رحمه الله صدر الكلام على هذه الكبيرة ببيان كفر الساحر وأشار إلى بعض وجوه دلالات هذا السياق على كفر الساحر حيث أشار إلى وجوه ثلاثة والوجوه الدالة على كفر الساحر في هذا السياق سبعة."
انتهى من شرح البدر المحاضرة الثانية الدقيقة الخامسة على كتاب الكبائر للذهبى رحمه الله.