جمعية 'أطفال القمر' في تونس جمعية تعنى بمرضى 'زيروديرما بيغمنتوزم' (Xeroderma pigmentosum)، وهو مرض وراثي يعاني فيه المصاب من حساسيّة مفرطة من الأشعة ما فوق البنفسجية، سواء القادمة من الشمس أو من أنواع معينة من الفوانيس.
ويقول الطبيب محمد الزغل -الذي شخّص العديد من المرضى- إن هذا المرض هو سرطاني بالنسبة للمرضى غير المحميين، ويتكاثر في الوجه ويمكن أن يشوهه، ويعيش المريض بين 10 و15 عاما ثم يموت، ولكن بإمكان من يقي نفسه أن يعيش إلى 70 أو 80 عاما.
وينتشر هذا المرض خاصة في حالات زواج الأقارب، ففي شمال أفريقيا توجد حالة لكل 10 آلاف شخص، ثم تأتي اليابان في المرتبة الثانية بحالة لكل 100 ألف، ثم أوروبا بحالة لكل 300 ألف، تليها أميركا بحالة لكل مليون حالة، بحسب الطبيب.
ويضيف أن العلامات الأولى لهذا المرض تشمل وجود القليل من الجفاف في بشرة المصاب به، وكلما اقترب من النافذة يصعب عليه تحمل تلك الإضاءة، لتبدأ بعدها البقع البيض والبنية بالظهور.
ويتابع أنه توجد في تونس أكثر من 800 حالة، مضيفا 'كنت عاينت أكثر من 500 حالة وباشرتها على مدى 25 عاما، عدد كبير منهم توفاهم الله، والآن في جمعية أطفال القمر التي أنشط فيها لدينا 385 مريضاً'.
الطفلة أماني إحدى المصابات بهذا المرض، تقول أمها إنه بعد عشرة شهور من ولادتها بدأت بقع تظهر على وجهها، وكانت لا تطيق أشعة الشمس، مما دفعني للتوجه إلى زيارة العديد من الأطباء.
كبرت أماني وأصبح عمرها اليوم 11 عاماً، وهي لا تواجه أي إشكال مع المرض، فهي طفلة ذات شخصية قوية استطاعت التّأقلم مع المرض، حتى إنها حفظت ما يجب عليها فعله للوقاية من أشعة منذ الصباح وإلى آخر النهار، على حدّ قولها.
توقف عن الدراسة
وتقول أماني 'نعم ليس لدي أي إشكال مع هذا المرض، ولكنني توقفت مجبرة عن مواصلة دراستي لأن إحدى المعلمات لم تستجب لمتطلبات وقايتي، وأهمها أن أدرس في قسم لا تدخله أشعة الشمس، مما دفعني إلى ترك مدرستي وأصدقائي'.
وتقول رئيسة جمعية 'أطفال القمر' عزة البحوري الزغل إن جمعيتهم خيرية طبية تأسست عام 2008 وهي مكونة من أعضاء وأطباء وأولياء المرضى، ويكمن دورها الأساسي في توفير الوقاية والحماية من الأشعّة فوق البنفسجية للمصابين، لأنه ليس لديهم حاليّا إمكانات العلاج.
وتتابع 'نوفر لهم مصابيح خاصة دون أشعة فوق بنفسجية، وأشرطة قاتمة لتغليف شبابيك غرفهم المعرضة مباشرة للشمس وكذلك المراهم الواقية من الشمس والألبسة الخاصة بهم'.
وتضيف أن أهم شيء نقوم به هو توعية الأم والطفل بهذا المرض وكيفية الحماية حتى لا يحصل الضرر، ونحن نقوم بلقاءات بين المرضى وذويهم لمدة أسبوع أو أكثر، لاتباع نصائح الطبيب وخلق جو من الألفة بين المرضى.
وبحسب الطبيب الزغل فإن البحوث العلمية على هذا المرض النادر قليلة جدّا لأنها تتطلب تمويلاً كبيراً، مشيرا إلى إشكاليّة التغطية الاجتماعية، فالصناديق الاجتماعية تعترف بتغطية مصاريف هذا المرض في مراحل متقدّمة جداً، في حين أنه هناك مرضى في بدايات الإصابة من المفترض أن يحظوا بالتغطية.
وأردف 'إذا كنا نريد فعلاً مساعدة المرضى يجب أن نخرج الجمعيات من تحت إشراف رئاسة الحكومة، وجعل كل وزارة مشرفة على الجمعيات التي تتبع اختصاصها على غرار وزارة الصحة التي يجب أن تعنى هي مباشرة بمثل جمعيتنا، حتى تكون عملية توفير الأدوية والمستلزمات للمرضى أكثر سلاسة'.