بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أقول والله المستعان أن الله خلق الجن وكلّفهم بالعبادة و قوله تعالى : " قُل لَّئِنِ ٱجْتَمَعَتِ ٱلإِنْسُ وَٱلْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً " نستخلص منه أن الجن والإنس ما خلقهم الله لتجتمع وتتعاون . جعل الله بينا حجاب وأعطى الله الجن إمكانية الظهور والتجسد داخل عالمنا و حدّد لهم متي يستطيعون فعل ذالك .
" ولو شاء ربّك ما فعلوه . فذرهم وما يفترون "
والذي توصلت إليه , وأسئل الله التوفيق، هو أن الله جعل لكل إنسان مسلم أو كافر ملائكة
خاصة تقيه من شر الجن
" لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ "
يقول الطبري في تفسير الآية :
حدثنـي أبو هريرة الضُّبَعيّ، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا ورقاء، عن منصور، عن طلـحة، عن إبراهيـم: { يَحْفَظُونَهُ مِنْ أمْرِ اللّهِ } قال: من الـجنّ
حدثنا الـحسن بن عرفة، قال: ثنا إسماعيـل بن عياش، عن مـحمد بن زياد الألهانـيّ، عن يزيد بن شُرَيح عن كعب الأحبـار، قال: لو تـجَّلـى لابن آدم كلُّ سهل وحَزْن، لرأى علـى كلّ شيء من ذلك شياطين، لولا أن الله وَكل بكم ملائكة يذُبُّون عنكم فـي مطعمكم ومشربكم وعوراتكم إذنْ لتُـخُطِّفتـم.
الجن و الإنس مسلمهم و كافرهم لايستطعون مباشرة الملائك :
" وَقَالُواْ لَوْلاۤ أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَّقُضِيَ ٱلأَمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ "
تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ)
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عثمان بن سعيد، قال: أخبرنا بشر، عن عمار، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس، قوله: { وَلَوْ أنْزَلْنَا مَلَكا لَقُضِيَ الأمْرُ ثُمَّ لا يَنْطُرُونَ } قال: لو أتاهم ملك في صورته لماتوا، ثم لم يؤخروا طرفة عين.
تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ)
وإما لأنهم إذا شاهدوا ملكاً في صورته زهقت أرواحهم من هول ما يشاهدون
تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ)
والوجه الثاني: أنهم إذا شاهدوا الملك رهقت أرواحهم من هول ما يشهدون، وتقريره: أن الآدمي إذا رأى الملك فإما أن يراه على صورته الأصلية أو على صورة البشر. فإن كان الأول لم يبقَ الآدمي حياً، ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى جبريل عليه السلام على صورته الأصلية غشي عليه،
تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ)
قال ٱبن عباس: لو رأوا الملك على صورته لماتوا إذ لا يطيقون رؤيته. مجاهد وعِكْرمة: لقامت الساعة. قال الحسن وقَتَادة: لأُهلِكوا بعذاب الاستئصال؛تفسير تفسير القرآن الكريم/ ابن كثير (ت 774 هـ)
قال الضحاك عن ابن عباس في الآية يقول: لو أتاهم ملك، ما أتاهم إلا في صورة رجل، لأنهم لا يستطيعون النظر إلى الملائكة من النور،
تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ)
وقيل إن المعنى: إن الله سبحانه لو أنزل ملكاً مشاهداً لم تطق قواهم البشرية أن يبقوا بعد مشاهدته أحياء، بل تزهق أرواحهم
تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
فلو أنزل الحق عليهم ملَكَاً كما يطلبون ثم كفروا لقضي الأمر وأهلكوا بدون إمهال. إذ لو تجلى الملَك لهم وظهر على طبيعته ما تحملته كياناتهم البشرية.
... فالبنيان البشري يستقبل الأشياء المادية التي تناسب تكوينه، فإن جاءت له طاقة أعلى منه فلا يمكنه أن يستقبلها
إذن الجن سواء كان مسلما أو كافرا فإنّه لايستطيع مباشرة الملائكة وبالتالي فإنه لايستطيع الدخول ألى عالمنا والظهور للإنسان إلاّ في حالة إنصراف الملائكة عن الإنسان . فمتى تنصرف الملائكة ؟
تنصرف الملائكة المكلّفة بحفظ الإنسان من الجن عندما يطلب الإنسان المساعدة منهم ويتم الأمر فقط بطلب رأية الجن ومحادثتهم والتكلم معهم واستفسارهم عن بعض الأمور ... أي موالاتهم بنية خالصة فيظهرون له . ولكن ماذا يحدث ؟
يقول الله عز وجل : " إنّما سلطانه على الذين يتولّونه والذين هم به مشركون "
حينما يقوم الإنسان بطلبه رئية الجن وموالاته إياهم فيكون بفعله هذا قد عدل عن الأستعانة بالله وفضّل الأستعانة بالجن فيتخلى الله عن ذلك الإنسان ويخلي بينه وبين الجن
ويصرف عنه الملائكة التي كانت تحميه من كيد الجن وشياطنهم لأن الله وعد الجن بان يكون له سلطان على من تولاه من الإنس فيفعلون به ما أرادوا . و من سلطان الجن على الإنس أنّهم يستطيعون أخذ كل ما يملك من أشياء ، يسكنون بيوته ، يضربونه ... كثيرا ما كنا نرى أثار الضرب و الخدشات و الدماء والكدمات على أبدان المشعوذين والطرقيين وممن كان يتعامل مع الجن.
والله أعلى وأعلم