فيفي Admin
عدد المساهمات : 795 تاريخ التسجيل : 24/01/2016
| موضوع: أطفالنا المعاقون وأساليب التنشئة الأربعاء مارس 16, 2016 6:48 pm | |
|
إن أساليب التنشئة تختلف من مجتمع إلى مجتمع آخر، بل وربما: تختلف أساليب التنشئة من أسرة إلى أسرة أخرى، بل داخل الأسرة الواحدة: قد تختلف أساليب التنشئة من الأب إلى الأم. ولكن، إذا كان الطفل يتحدي الإعاقة، فلا شك أن هناك أساليب تنشئة يتخذها الوالدان تجاه هذا الطفل الصغير، بقصد أو بدون قصد، ولخطورة هذا الموضوع: نلقي الضوء على بعض أساليب التنشئة التي ينتهجها الآباء تجاه أطفالهم المعوقين، حتى ينتبهوا إليها ويتعرفوا على آثارها. أولًا: أسلوب الرفــــض: إن الرفض الذي يقوم به الآباء تجاه طفلهما المعوق ينطوي علي نوعين مختلفين: أولهما: رفض شبه دائم منذ البداية، (وفي مثل هذه الحالات: لا يشعر الآباء بحبهم لأبنائهم، ويوصف هذا النوع من الآباء بأنهم يحاولون إخضاع أبنائهم لبعض القواعد السلوكية باتخاذ مقاييس تتسم بالصرامة والقسوة، وقد يرجع السبب في ذلك إلي عدم تقبلهم لهؤلاء الأبناء "ذوي الإعاقة". وثانيهما: وهو الرفض الذي يكون في صورة التجاهل لرغبات الأطفال، فبعض الآباء لا يلبون رغبات أطفالهم، ولا يلتفتون إلى احتياجاتهم، وهذا يدفع الكثير من الأبناء إلى الانطلاق خارج المنزل دائمًا، وهذا يجعلهم في كثير من الأحيان عرضة لرفقاء السوء. ولكن هذا الرفض من قبل الوالدين، هل دائمًا يكون صريحًا؟. لا، فليس في كل الأحيان يكون الرفض صريحًا من قبل الوالدين، ففي بعض الأحيان تكون الحماية الزائدة والعطف الزائد من قبل الوالد مثلًا هو: بمثابة تكوين عكسي لرفض الطفل، وعدم الرغبة فيه، فقد يتميز إما برباطة الجأش واللامبالاة، والانشغال عن الطفل، أو بالتسلط الإيجابي والمتطلبات الكثيرة، والعداوة المنافية للذوق السليم، وفي الرفض كثيرًا ما ينشأ الانطباع أن الوالد مبالغ في الحماية. ففي بعض الأحيان: يكون العطف الزائد والحماية الزائدة والرعاية المبالغ فيها بمثابة تكوين عكسي لرفض الطفل وعدم الرغبة فيه، وقد يكون الرفض مرتبطًا بضعف العلاقة أو سوء العلاقة بين الوالدين. (ولذا فإن النتيجة التي تتبع نبذ كثير من الآباء لأطفالهم أن ينمو لدي هؤلاء الآباء الشعور بالذنب، وحتى يتجنبوا هذا الشعور فإنهم يلقون باللوم – لاشعوريا – علي وجود نقص في الطفل ـ إعاقة مثلاً ـ وهكذا يصبح الطفل كبش فداء غير جذاب، فيه نقص جسمي، أو غير ذلك من الأسباب الواهية. إن الشعور بالذنب الذي يحرك الأب والأم: يكون تعويضاً لشعورهما بالنبذ أو الرفض لطفلهما، ويدفعهما ذلك إلي العناية الزائدة به والحماية المبالغ فيها، وبهذه الطريقة يطمئن الوالدان نفسيهما علي أنهما أبوان طيبان، فيغدقان علي الطفل الهدايا والملابس والأشياء الأخرى، ويرسلانه إلي مدارس باهظة التكاليف . كما أنهما يعيبان علي المجتمع والمدرسين عداواتهما لطفلهما وتحيزهما ضده، وبهذه الحيلة الإسقاطية يحقق الأبوان شعوراً بتبرير عداوتهما نحو الطفل ويخففان من حدة الشعور بالإثم) [أساليب المعاملة الوالدية للأطفال المعوقين وآثارها]. ويذهب:" رونالد رونر" إلى أبعد من ذلك، فيشير عندما يتحدث عن الرفض الوالدي إلى أن الفرض الوالدي: (قد يمتد حتى مرحلة الرشد وما بعدها، حيث يقول: "إن الراشدين الذين مروا بخبرة الرفض وهم أطفال يعانون من فقدان الحب والتقبل، كما أنهم لا يستطيعون تعويض الحب المفقود في مرحلة الطفولة"، وبالتالي تترسب الخبرة السيئة ويمتد أثرها للرشد فيصيرون منعزلين وسلبيين أثناء تفاعلهم مع الآخرين). وعليه يمكن القول: بأن الوالدين اللذين يمكن وصفهما بأنهما غير متقبلين لابنهما: يتصفان بالاستياء تجاهه، وينزعان إلي التقليل من شأنه ومن قدراته وصفاته الشخصية، ولا يهتمان به ولا يسعدان بصحبته، ولا يقدمان له أي تعزيز عندما يأتي بسلوك حسن، كما أنهما لا يعبئان به ولا يحترمانه ويسخران من وجهة نظره. ثانيًا: أسلوب إثارة الشعور بالنقص: إن الكثير من نشاطات الطفل المعاق ـ مع الأسف الشديد ـ قد يكون مصيرها الفشل في بعض الأحيان، وهذا لا شك يؤثر على نفسيته وعلى انطلاقه ونشاطاته وحماسته، خاصة إذا كان أهله يكثرون من توبيخه وانتقاده جراء أفعاله وتصرفاته. ويمكننا القول بأن معايير الأداء المتوقعة من الطفل في سن معينة يكون مرجعها توقعات الوالدين لتطور الطفل ونموه، (وهذه التوقعات والمعايير يتبناها الطفل بالتدريج بحيث يصبح عنده نفس المعيار الذي عند والديه يقيس عليه تصرفاته وأداءه، وعندما يقارن الطفل ذو الإعاقة أداءه بهذا المعيار الذي حدده لنفسه يجده دون المستوي المطلوب، مما يؤدي – خاصة مع التكرار – إلي ضعف في الشخصية وعدم الثقة بالذات، وبعد وقت يقصر أو يطول – حسب مدي الإعاقة – تتكون لدي الطفل حلقة مفرغة من ضعف الشخصية وانخفاض مستوي الثقة بالذات، والفشل في الأداء، ويصبح كل منهما يقود الآخر. فإذا لم يشعر الطفل بالقدرة علي الإنجاز، فإن هذا يؤدي إلي تنمية مشاعر النقص وعدم الكفاءة لديه، وهنا تبرز مسئولية الأسرة والمعلمين في ضرورة تهيئة خبرات النجاح لكل طفل، وهذا يتطلب تحديدا دقيقا لإمكانياته تحت الإشراف والتوجيه حتى يمكنه الخروج من مرحلة الطفولة الوسطي والمتأخرة بسلام، ودخول مرحلة المراهقة، وهو يشعر بالكفاءة والقدرة علي الإنجاز، وإلا خرج مثقلا بمشاعر النقص: إذا اعتبرت الأسرة أن ما أنجزه الطفل غير ذي أهمية. إن الخطر الحقيقي الذي يواجه الطفل خلال هذه الفترة هو: أن يحاط بظروف تؤدي به إلي الشعور بالنقص والدونية، فإذا توقعنا من الطفل الكثير، وإذا شعر بأنه غير قادر علي الإنجاز لأنه ذو إعاقة، فقد يفتر اهتمامه، وتثبط همته . وهذا الأمر يجعله يشعر بالتعاسة، لأنه لا يقوم بدور في الوسط الذي يتحرك فيه, فكثيرا ما ينتابه الشعور بالخجل، لأن إعاقته شوهت صورته، فيحاول إخفاءها بالابتعاد عن الآخرين أو الحقد عليهم، وكل هذا يزعزع بناءه النفسي، وقد يعرضه للاضطراب النفسي، ويدفعه إلي أنماط مختلفة من السلوك اللاتوافقى، وأن أول ما يتأثر بهذا الوضع هو: مفهومه عن ذاته، فيحط من قدر نفسه، وتتباعد المسافة بين ذاته الواقعية (جسمية كانت أو نفسية)، وبين مفهومه عن ذات الآخرين، كل هذا يؤدي إلي إحساسه بالنقص، وضعف الثقة بالنفس، وإحساسه بعدم القدرة على السيطرة علي البيئة المحيطة لضعفه وقلة حيلته).[أساليب المعاملة الوالدية للأطفال المعوقين وآثارها]. ولذلك نجد أن الطفل الذي يعاني من إعاقة: يبني ثقته بنفسه على تلك التصرفات أو الأفعال التي كللت بالنجاح، وقوبلت بالقبول والترحاب والتشجيع من المحيطين به. وعلي العكس من ذلك: يقوم بعمل سلسلة من التصرفات والأفعال الخاطئة التي قد تؤدي إلي العقاب أو التأنيب من قبل والديه أو الآخرين حوله، فيشعر بفقدان الثقة بالذات والإحباط، وبالتالي: فقدان الثقة، سيقلل من فرص نجاحه في تصرفاته ومحاولاته المستقبلية، وسيعرضه للشعور بالنقص والدونية. ثالثًا: أسلوب الحماية الزائــدة: إن الحماية الزائدة من قبل الوالد: تسبب الكثير من المشكلات لأبنائهم، ونشير بداية إلى أن الحماية الزائدة من قبل الآباء ربما تتحول لنوع مبالغ فيه من السيطرة ورفض تدخل أي شخص في دورهم الأبوي. (كما يؤكد الآباء في هذا الاتجاه حبهم للطفل، لكن تصرفاتهم والمبالغة في الحماية له والمشوبة بالقلق قد لا تعكس ذلك، والخطاب الذي قد يفهمه الطفل هنا أن أمك أو أباك: لا يثقان بك، إنهما يعتقدان أنك لا تستطيع أن تحسن الإنجاز بمفردك. ولعل من أهم أسباب الرعاية والحماية الزائدة: إصابة الطفل بعاهة أو ضعف عقلي يدعو للعطف عليه أكثر من اللازم، فالوالدان يشعران بأنه عاجز ويختلف عن أخوته، ومن ثم فإنه في حاجة أكثر للرعاية. ولذلك نجد أن بعض الآباء: يعتنون بعناية خاصة بصحة أبنائهم، فنجدهم يتخذون من الأساليب اللازمة لوقايتهم من المرض، كما نجدهم ينتابهم القلق والضيق الذي يصل إلي حد الفزع والخوف حول وقاية أبنائهم من الأخطار وسلامتهم منها، ونجدهم يخافون من عدم قدرة أبنائهم علي الدفاع عن أنفسهم ضد الأطفال الآخرين، كما يميل بعض الآباء إلي إتباع بعض النظم القياسية في النظافة، وإتباع القواعد الصحية مع أبنائهم إلي درجة بعيدة. ومثل هذه الأسرة لخوفها الشديد علي الطفل من أي مكروه، تريده أن يأكل ما لا يحبه لأنه سيغذيه، أو يأكل كميات من الطعام أكثر مما يحتاج، أو يلبس أكثر مما يحتمل حتى لا يصاب بالبرد، وتريده ألا يجري أو يلعب كغيره من الأطفال حتى لا يقع أو يجرح، وعندما يذهب إلي المدرسة غالبا ما ترافقه الأم مهما كان سنه، وأينما يكون موقع المدرسة بالنسبة للمنزل، وحينما يعود تكتب له واجباته حتى لا يتعب، أو تقرأ له حتى لا ترهق عيناه، وتدافع عنه عند مدرس الفصل حتى لو أخطأ. إن كثيرًا من الآباء الذين لديهم أطفال معوقون: لا يعرفون كمية العناية والحماية المطلوبة للطفل، فهم يعتقدون أن الطفل المعوق: يتطلب حماية زائدة أكثر من الطفل العادي، ولذلك فهم سيمنحونه من الوقت والجهد والنفقة المالية والمحبة الزائدة: ما قد لا يكون هو في حاجة إليه، وغالباً ما يلجأ الوالدان إلي المبالغة في الاهتمام بالطفل ذي الإعاقة، والإفراط في العاطفة نحوه، والخوف والشفقة عليه بقصد وقايته وحمايته, مما يؤدي هذا إلي العديد من المشكلات والصعوبات التي تقيده بدلا من إطلاق حريته، أو الإسراع في دفعه نحو الاستقلال والثقة والاعتماد علي النفس ؛ مما يؤدي في بعض الأحيان بالطفل إلي الأنانية والعناد الزائد الذي يكون من الآثار المباشرة للعطف والشفقة علي الطفل).[أساليب المعاملة الوالدية للأطفال المعوقين وآثارها]. وقد يتساءل البعض: إن الحماية الزائدة من قبل الوالد في كثير من الأحيان يكون دافعها الحب والخوف على الطفل، أليس كذلك!!؟ ونحن نقول:" نعم"، إن الحماية الزائدة في كثير من الأحيان تكون مغلفة بغلاف الخوف على الطفل، والحرص عليه ومحبته، لكن هذا كله: لا يمنع أنها اتجاه سلبي، فالمبالغة في أي أمر عمومًا غير مقبولة، والأمر إذا زاد عن حده: انقلب إلى ضده، كما أن الأطفال في كثير من الأحيان يقابلون هذه الحماية الزائدة بالرفض التام، وبذل كل جهد في محاولة للتفلت من هذه الحماية الزائدة، التي تؤرق عليهم حياتهم، وكأنهم يريدون يقولون لمن حوله: (نحن لسنا عاجزين إلى هذه الدرجة)، ولذا فهم دائمو المحاولة للتخلص من هذه الحماية الزائدة، وتحقيق الاستقلال المنشود. وهنا نحذر ونقول: قد يكون خوف الآباء على أبنائهم الذين يعانون من الإعاقة: نابعا من علمهم بأنهم لن يستطيعوا الزواج، أو أن زواجهم سيتأخر، ومن ثم ستطول فترة اعتماد الأبناء عليهم؛ ولذا يبالغون في حمايتهم، وفي الحقيقة هم بذلك ربما ينزعون عنهم ثقتهم بأنفسهم، وربما يكون ذلك في حد ذاته إعاقة أكبر بالنسبة للطفل من تلك الإعاقة الحقيقية التي يعاني منها.
[size=48]طفلي يتحدى الإعاقة[/size] تحدثنا في المقال السابق عن: أن أساليب التنشئة تختلف من مجتمع لآخر، ومن أسرة لأخرى، بل حتى داخل الأسرة الواحدة، وتعد حالة الطفل المعاق من الحالات التي تحتاج أساليب تنشئة فعالة وسليمة حتى يستطيع أن يستكمل رسالته في الحياة، وقد بينا في المقال السابق عددًا من أساليب التنشئة الخاصة بأطفالنا المعاقين، ونستكمل في هذا المقال الحديث عن أساليب التنشئة تجاه المعاقين من أطفالنا. أسلوب التفرقــــة: إن المقصود بالتفرقة هنا هو: التمييز بين الأبناء في التعامل، وقد يكون لأسباب غير منطقية كالجنس، أو أبناء الزوجة أو أبناء الزوجة، أو أن الولد الفلاني هو الأكبر. وتظهر هذه التفرقة وهذا التمييز في: عدم المساواة في معاملة بعض الأطفال عن بعضهم سواء عاطفيًا أو ماديًا ... إلخ، كأن تميز الأسرة الابن الأكبر على الأصغر أو العكس، أو تميز البنت على الأولاد أو أبناء الزوجة الجديدة على غيرهم. (وهكذا يمكن القول: أن التفرقة أسلوب من أساليب المعاملة الوالدية يدرك الطفل من خلال معاملة الوالدين له، أنهما لا يساويان بين الأخوة والأخوات في المعاملة، وأنهما قد يتحيزان لأحد الأخوة على حساب الآخرين، فقد يتحيزان للأكبر أو للأصغر، أو للمتفوق دراسيًا، أو لأي عامل آخر، ويزيد إدراك الطفل لهذا الأسلوب في المعاملة: إذا كان هو شخصيا هدفا للتحيز ضده. وكما تؤثر العلاقة بين الوالدين والاتجاهات الوالدية في نمو شخصية الطفل، تؤثر أيضًا العلاقات بين الأخوة في نمو شخصيته، فكلما كانت العلاقات منسجمة، وخلت معاملة الوالدين من تفضيل طفل علي آخر، وما ينشأ من أنانية وغيرة وحقد .. كانت هناك فرصة للطفل، لكي ينمو نموًا نفسيًا سليمًا. فعلي الرغم من دعوى أحد الوالدين النمطية: أنه يحب كل أبنائه سواء بسواء، فإن تصرفاته لا تكون في هذا الشأن مقنعة للصغار، فالصغير الذي يدرك أنه أثير والديه: يعلم أنه يمكنه قول وفعل أشياء ربما يعاقب عليها الأشقاء الأقل تفضيلًا, والصغير الأقل تفضيلًا يدرك أيضًا مركزه، ويستاء للمزايا التي تمنح للمفضل، والمفضل بطبيعة الحال يبدي رغبة كبيرة في إرضاء والديه، أما أشقاؤه يصبحون عدائيين، وكلما كان المفضل أكثر نجاحًا، ولامع الذكاء، ومتفوقًا، أصبح الوالد – أو الوالدة – أكثر رغبة في التضحية من أجله .. ولو استتبع ذلك الاستخفاف ببقية الأشقاء. وتبدو التفرقة بين الأبناء من خلال الاهتمام الزائد بأحد الأبناء ومنحه الحب والمساعدة، ومنحه مصروفًا أكبر قدرًا من الأبناء الآخرين، وشراء مزيد من اللعب والهدايا والملابس أكثر من الأبناء الآخرين، وقد تتخذ التفرقة التفضيل الوالدى لجنس ما عن الجنس الآخر، فقد يفضل الأب أو الأم البنت عن الابن، أو العكس، وقد يعطي الوالدان أهمية ودورًا تسلطيًا للابن الأكبر دون الأصغر، أو يدللان الطفل الأصغر ويعطفان عليه لأنه "آخر العنقود"، ويهملان طفلهما الأكبر). وبناء عليه: ينبغي للآباء الانتباه، فإن وجود طفل معوق في الأسرة: قد يؤثر على علاقة الوالدين بالأبناء، فقد ينغمس الأهل في احتياجات الطفل المعوق مما يؤثر على بقية الأبناء، وقد يحدث العكس، فيهملوا احتياجات الطفل المعوق، ولاشك أن كلا الحالتين يسبب توترًا داخل الأسرة، ويؤدي إلى اضطراب العلاقات بين الإخوة. وكان هناك من يشير إلى: أن وجود إخوة للطفل يشاركونه في حب الوالدين: يثير قلق الطفل وأمنه، فهو ـ أي الطفل ـ لا يعرف معنى تجزئة الحب أو تساويه مع بقية إخوته، وكل ما يعرفه: أن الحب له وحده، وأن وجود من يشاركه فيه، سيسبب له الألم والاضطراب العاطفي. (وهكذا فإن الطفل المعوق قد نجده أكثر حساسية لأسلوب التفرقة من الأطفال العاديين الأسوياء، حيث إن تفضيل الأخوة الآخرين علي حساب ذلك الطفل: يجعله يشعر بالغيرة منهم، وأحيانا بالحقد عليهم، وخاصة عندما تشعره هذه التفرقة بالإعاقة والقصور الذي ألمّ به. إن عدم العدل ما بين الأبناء بالمحبة أو العطاء: له أسوأ النتائج على الطفل، وقد لا يدرك الأهل أنهم يحابون أو يميزون بين أطفالهم، وذلك لأن تصرفهم لا شعوري، لذا: فإن هذا التمييز قد يكون ظاهرا لكل الناس، وخافيًا على الأهل أنفسهم، ولعل التمييز يحدث في أشياء صغيرة حقيرة بالنسبة للأهل، ولكنها كبيرة بالنسبة للطفل. فقد تتسامح الأم مع ابنها المدلل عندما يفعل بعض الأشياء، بينما تؤاخذ الآخرين على نفس الفعلة، أو قد تعطيه بعض المال أو المآكل الإضافية، فمثل هذه السلوكيات تؤدى إلى مشاكل سلوكية خطيرة من عدوانية وخوف وخجل وانطواء.... إلخ من المشاكل). أسلوب القســــوة: تتعدد أساليب العقوبات التي يستخدمها الآباء والأمهات مع أبنائهم لتشجيعهم للقيام بشيء معين، فهناك من الآباء والأمهات من يستخدم الأسلوب التسلطي فيما يتعلق بالنظام، بمعنى: أنهم المتحكمون الذين يضعون القواعد والضوابط، ويتوقعون أن يطاعوا، ومنطقهم في ذلك: (أنا أعلم وأكثر خبرة ودراية ولذلك قلت كذا وأرى كذا...)، وغالبًا ما يستخدم هذا النوع العقاب البدني مع أبنائه. (والقسوة تعبر عن مجموعة من الأساليب التي يتبعها الآباء لضبط سلوك الطفل المرغوب فيه (بالنسبة للآباء)، ويتضمن العقاب الجسمي كالصفع والضرب، أي كل ما يؤدي إلى آثاره الألم الجسمي، ويتسم هذا الأسلوب بالشدة المفرطة، ومداومة عقاب الطفل بصورة مستمرة، وعدم إتاحة الفرصة في التعبير عن مشاعره، وصده وزجره كلما حاول الاقتراب من الوالدين. وقد يكون مصحوًبا بالتهديد اللفظي أو الحرمان، وقد يلجأ الآباء للضرب أحيانًا عندما يسئ الطفل التصرف، فالعقاب هنا قد يعدل السلوك حسب نظرية التعلم التي أظهرت أنه اتجاه أساسي لتغيير السلوك غير المرغوب فيه مقارنة بالأساليب الأخرى، لكنه يتضمن نتائج سلبية أكثرها وضوحًا تعلم السلوك العدواني). نوع العقاب ودوره: إن العقاب كأحد أساليب التربية، تأتي خطورته من ناحيتين: الأولى: هي نوع العقاب، والثانية: هي دور العقاب، فالبنسبة لنوع العقاب، فإن كثيرًا من الآباء يتجهون في أساليب عقاب الابن إلى استخدام العقاب البدني الشديد: نتيجة لسلوك سيء أو غير مرغوب فيه من الابن، بينما يميل البعض الآخر إلى توقيع العقاب النفسي على الابن، وهناك من الآباء من يجمع بين النوعين. ومن حيث درجة العقوبة، فهناك من الآباء من يفرط في استخدام العقاب، فيوقع الضرر الشديد بالابن، ولاشك أن هذا يترك آثارًا بالغة الخطورة في نفسية الابن، وربما في بدنه. وفي كثير من الأحيان: تلعب الشخصية الانفعالية للآباء دورًا كبيرًا في إيقاع العقاب الشديد، وإلحاق الضرر بالأبناء، فالانفعال الشديد يعطل قدرة الآباء على الحكم الموضوعي على المواقف والسلوكيات الخاصة بالأبناء، ولاشك أن هذا يؤدي لمزيد من النتائج السلبية سواء على مستوى النمو النفسي والاجتماعي للأبناء، أو في طبيعة العلاقة بين الآباء والأبناء. (ومن هنا تأتي الخطورة في عقاب الطفل في: أنه يمثل سلاحًا ذو حدين، فهو يجعله ـ على سبيل المثال ـ يكف عن العدوان، ولكنه في الوقت نفسه: يعطيه نموذجًا للسلوك العدواني الذي يحتمل أن يقلده في مواقف أخري، أو مع أشخاص آخرين وخاصة في غيبة من يقوم بعقابه. وقد يكون الطفل ذو الاحتياجات الخاصة: أكثر شعورا بقسوة والديه من الأطفال الأسوياء العاديين، ذلك لأن كثيرًا من الأوامر والنواهي التي يفرضها والداه عليه: لا يفهم كثيرًا منها، وماذا تعني!!؟، ولذا يكون عقاب والديه نتيجة مخالفة هذه الأوامر: فيه شعور بالإجحاف والظلم مما يؤثر علي نفسية الطفل، فالقسوة الشديدة تؤدي إلي تقوية النواحي الهدامة في الضمير، وكذا إضعاف الذات، وتأخير نضجها، وخلق شخصية علي درجة كبيرة من الحساسية المرضية بما يجعلها حساسة لكل أمر حتى لو كان بسيطًا، ويعتقد الطفل أن صغائر الأمور تهديد لكيانه، ومن ثم: نجده يتشبث بضرورة مقاومة ما يتعرض له، وخاصة مقاومة كل أشــكال السلطة). عرضنا فيما سبق بعض أساليب التنشئة وتأثيرها على الطفل الذي يتحدى الإعاقة داخل الأسرة، فينبغي علينا أن ننزلها منزل الاهتمام، ونفهمها جيدًا حتى نتمكن من تنشئة أطفالنا بصورة صحيحة سليمة تدعم النمو النفسي والاجتماعي لهم، وتوطد العلاقة الطيبة بين الآباء والأمهات من جانب، والأطفال من جانب آخر. بقلم الأستاذ:" عمر السبع"- مع تصرف يسير-. جزاه الله خيرا.
|
|
| |
|