2016/02/08
قصة آلاف المستخدمين والموظفين المؤقتين وفق صيغة "ما قبل التشغيل"، أصبحت طويلة، مملة ومرهة، ومثيرة للغضب والاستفزاز أيضا، فبعد مشاكل الإدماج والأجور، ها هو التقشف يضطر الإدارة إلى إلزام المعنيين بتوقيع تعهّد مكتوب يقضي بمغادرة المنصب فور انتهاء العقد، مع عدم المطالبة بأيّ حقوق أو الحقّ في الإدماج!
هذا هو جزاء سينمار، يا جماعة الخير، فهل يُعقل أنه بعد سنوات، يُعاقب أكثر من مليون موظف مؤقت بإجراء كهذا، نهايته من دون شكّ الإحالة مجدّدا على البطالة، وقد عثرت الجهات المعنية هذه المرّة، على التقشف وأزمة البترول لتمسح فيهما "موس" قرار سيكون بعواقب وخيمة !
هذا التدبير الجديد، يعني في ما معناه، أنه تسريح جماعي لبقايا العمال، ممّن تحمّلوا وحملوا وزرا ثقيلا خلال سنوات الأزمة، خاصة مرحلة "المأساة الوطنية"، حيث تجندوا ضد الإرهاب وتصدّوا للخوف والترويع، في وقت لم يصمد البعض أمام التهديدات، فتخلـّى عن منصبه اختيارا، خاصة في المناطق المعزولة والمنسية!
أليس هناك حلول أخرى، ومخارج نجدة، غير هذا الإجراء "الاستئصالي" الذي سيهزّ النفوس ويضرب الطمأنينة في العمق، ويحرّض آلاف المستخدمين على الكراهية والضغائن اتجاه الإدارة فيتهمها بعدها بالتهميش و"الحقرة" والإقصاء والتمييز والمفاضلة بين المستخدمين "الدائمين" و"المؤقتين"؟
لقد تحمّل هؤلاء الثمن غاليا، فمنهم من تعرّض خلال سنوات الخدمة إلى "الحريث" من طرف زملائه الدائمين الذين كانوا ينصبون عليه ويرمون الثقل عليه، ولا يشتغلون إلاّ بنسبة ضئيلة من المهام الموكلة إليهم، وبعدها يتقاضون أجرة كاملة فيما يقبض المهمّشون البقشيش وأجرهم على الله!
رغم الاعتصامات والاحتجاجات المتنامية والمتتالية، ظلت وضعية "ما قبل التشغيل" معلـّقة، والآن تأكد أنهم "بلا مستقبل" وأنهم لن يستفيدوا من "ما بعد التشغيل"، فهم من بين أوّل الضحايا أو الأضاحي التي ستذبحها "بوشية" التقشف، وبعدها مصير مجهول للوظائف "الهامة" والمفتاحية التي يشغلونها في الإدارة والعديد من المؤسسات العمومية وحتى الخاصة!
صحيح أن وظائف "ما قبل التشغيل" علـّمت البعض الاتكالية، وعمّقت منطق "البريكولاج" في تسيير شؤون المواطنين، وكرّست "الطبقية" بين فئات الموظفين، من حيث المهام والأجور والصلاحيات، والحقوق والواجبات، لكنها بالمقابل، وفـّرت "خدمة" لآلاف البطالين من حملة الشهادات، وأنقذتهم من مخالب "الحيوط"، ووضعت أرجلهم في منصب قار، لكن إجراء توقيع التعهّد، سيُعيد الأمور إلى نقطة الصفر، ويضرب عالم الشغل في مقتل وبعدها سيتم مخاطبة كل "مطرود" بعبارة: كونك عاقل!