08-02-2016
يثير غياب مدرب المنتخب الوطني كريستيان غوركوف عن الساحة الكروية الكثير من التساؤلات، حيث أصبح تواجده في الجزائر مرتبطا فقط بالتربصات والمباريات، بعد أن كان يقضي وقتا كثيرا في متابعة لاعبي البطولة الوطنية، من خلال معاينة المباريات بمختلف ملاعب الوطن، وكذا العمل رفقة طاقمه الفني بالمركز التقني لسيدي موسى، فضلا عن المحاضرات التي كان يلقيها من حين لآخر حول كرة القدم والتدريب والتكوين، خاصة مع مدربي البطولة وطلاب الجامعات، بينما يبقى الأمر المثير للانتباه هو عدم ممارسة المدرب لمهامه في المديرية الفنية كمشرف على المنتخبات الوطنية، في ظل الحديث عن "أزمة صلاحيات" بين الفرنسي والمدير الفني توفيق قريشي، حيث أصبح التيار لا يمر بينهما ما تسبب في تعطيل تعمل المديرية.
كشفت الأسابيع الماضية عن حدوث "قطيعة" بين غوركوف والجزائر إثر اعتقاد الجميع بأن ذلك كان "ظرفيا" فقط، بعد أن عاش الفرنسي فترة حالكة السواد كان فيها مستقبله على رأس الخضر على المحك، بدأت بعد مباراة ليزوتو في السادس من شهر سبتمبر وازدادت حدتها في مباراتي غينيا والسنغال الوديتين (09 و13 أكتوبر)، وتصاعدت وتيرة الضغوط على المدرب الفرنسي في مباراتي تنزانيا في تصفيات مونديال روسيا 2018، وانتهت الأزمة بلقاء حاسم بين رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم (الفاف) محمد روراوة وغوركوف يوم 26 نوفمبر أسفر عن بقاء الفرنسي مدربا إلى غاية نهاية عقده، وغادر الفرنسي الجزائر في اليوم الموالي إلى فرنسا التي مكث بها شهرين كاملين ولم يعد سوى يوم 29 جانفي الفارط، أي 3 أيام فقط قبل بداية تربص اللاعبين المحليين ما بين الفاتح والثالث من شهر فيفري الجاري، قبل أن يغادر بشكل مفاجئ إلى فرنسا مرة أخرى مساء اليوم الأخير من التربص، وعودته إلى الجزائر لن تكون سوى في نهاية الشهر الجاري، أين برمج تربصا آخر للاعبين المحليين ما بين 29 فيفري و2 مارس.
وغاب غوركوف، الذي منحته الفاف مهمة تأطير المنتخبات الوطنية، عن التربصات التي أجرتها في الفترة الأخيرة مختلف المنتخبات: الأولمبي والأشبال والأواسط، ليبدو أن المدرب اختزل "فعليا" علاقته مع الفاف والمنتخب الوطني في "الأمور الرسمية" فقط التربصات والمباريات الخاصة بالمنتخبين الأول والمحلي (عقده يلزمه بالإشراف على المنتخبين الأول والثاني)، وقد يستمر الوضع على هذا الحال لفترة أخرى، بينما سيخوض المنتخب الأول 6 مباريات رسمية خلال عام 2016 بين تصفيات كأس إفريقيا 2017 وتصفيات مونديال روسيا 2018، فيما سيلعب المنتخب الأولمبي 5 مباريات ودية على الأقل قبل مشاركته في أولمبياد ريو دي جانيرو صيف العام الجاري، بينما يلعب منتخبا الأشبال والأواسط عددا من المباريات الودية قبل دخول غمار تصفيات كأس أمم إفريقيا في كلا الفئتين.
وفي هذا السياق كشف مصدر عليم لـ"الشروق" بأن غياب غوركوف عن الساحة الكروية في الجزائر وعدم متابعته لعمل مختلف المنتخبات الوطنية مثلما تميله مهمته الجديدة في المديرية الفنية، لم يكن بسبب المشاكل والضغوطات التي تعرض لها من طرف الجماهير والإعلام فقط، في الأشهر الأخيرة من العام الماضي، وإنما بسبب خلافات بينه وبين المدير الفني توفيق قريشي، ما أثار أزمة صلاحيات بين الرجلين، في إطار عمل المديرية الفنية، خاصة في إطار رغبة الرئيس في إعطاء صلاحيات أكبر لغوركوف بغية رسم نهج تكتيكي وخطة لعب موحدة في جميع المنتخبات، فضلا عن تأطير المدربين وتوجيههم، لكن يبدو أن هذا المشروع سيسقط في الماء، جرّاء الانسداد الحاصل بين مدرب "الخضر" والمدير الفني، أمام الصمت المحيّر لرئيس الفاف فيما يحدث داخل المديرية الفنية، والذي يستدعي بالضرورة تدخلا منه لإعادة المياه إلى مجاريها.